بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 2 يناير 2012

10 لسنة 8 قضائية عليا " تفسير ".

                                 باسم الشعب 
                               المحكمة العليا
 بالجلسة العلنية المنعقدة 4 من مارس سنة 1978م.
 برئاسة السيد المستشار / بدوى إبراهيم حمودة رئيس المحكمة
 وحضور السادة المستشارين : عمر حافظ شريف وعلى أحمد كامل وأبو بكر محمد عطيه نواب رئيس المحكمة ، وطه أحمد أبو الخير ومحمد فهمى حسن عشرى الوكيلين بالمحكمة والمستشار كمال سلامه عبد الله. أعضاء
 وحضور السيد المستشار / محمد كمال محفوظ المفوض وحضور السيد / سيد عبد البارى إبراهيم أمين السر
                                           أصدرت الحكم الآتى
 
 فى طلب التفسير المقيد بجدول المحكمة العليا برقم 10 لسنة 8 قضائية عليا " تفسير ".
                                   المقام من
                                        ضد
                                        الوقائع
 طلب وزير العدل بكتابه المؤرخ فى 25 من أكتوبر سنة 1977 – بناء على طلب وزير الاقتصاد والتعاون الاقتصادى – إلى رئيس المحكمة العليا، اصدار قرار بتفسير المادة 14 من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبى التى تنص على أن : " كل من خالف أحكام هذا القانون أو شرع فى مخالفتها أو خالف القواعد المنفذة لها يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن مائتى جنيه ولا تزيد عن ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، ولايجوز الحكم بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة، وفى حالة العود تضاعف العقوبة، وفى جميع الأحوال تضبط المبالغ محل الدعوى ويحكم بمصادرتها. فإن لم تضبط حكم بغرامة اضافية تعادل قيمتها. ولا يجوز رفع الدعوى الجنائية بالنسبة إلى الجرائم التى ترتكب بالمخالفة لأحكام هذا القانون أو القواعد المنفذة له وإتخاذ إجراء فيها فيما عدا مخالفة المادة (2) إلا بناء على طلب الوزير المختص أو من ينيبه . وللوزير المختص أو من ينيبه فى حالة عدم الطلب أو فى حالة تنازله عن الدعوى إلى ما قبل صدور الحكم فيها أن يصدر قراراً بالتصالح مقابل مصادرة المبالغ والأشياء موضوع الجريمة ". وقد جاء بكتاب وزير العدل أن نص الفقرتين الثانية والثالثة من المادة (14) سالفة الذكر قد أثار خلافا فى الرأى بشأن من له الحق فى التصرف فى المبالغ والأشياء موضوع الجريمة، وكيفية هذا التصرف سواء بمصادرتها أو بردها إلى أصحابها وذلك فى حالة عدم طلب الوزير المختص أو من ينيبه رفع الدعوى الجنائية أو فى حالة تنازله عن الدعوى إلى ما قبل صدور الحكم فيها سواء صدر قرار بالتصالح أو لم يصدر. فذهب رأى إلى أن مفاد نص الفقرتين الثانية والثالثة من المادة (14) المشار إليها أن للوزير المختص أو من ينيبه حق التصرف فى المبالغ والأشياء موضوع الجريمة سواء بمصادرتها أو بردها إلى أصحابها فى حالة عدم طلبه رفع الدعوى الجنائية أو فى حالة تنازله عن الدعوى إلى ما قبل صدور الحكم فيها سواء صدر قرار بالتصالح أو لم يصدر، وذلك استنادا إلى أن القانون قد علق رفع الدعوى الجنائية على طلب الوزير المختص أو من ينيبه بحيث لا يجوز رفعها أو إتخاذ إجراء فيها إلا بناء على طلبه، وهذا يقتضى أن يكون له حق التصرف فى المبالغ والأشياء موضوع الجريمة سواء بمصادرتها أو بردها إلى أصحابها إذا ما رأى عدم طلب رفع الدعوى الجنائية أو تنازل عن الدعوى إلى ما قبل صدور الحكم فيها، وهو ما يتفق مع الحكمة من تعليق رفع الدعوى الجنائية على طلبه ولا يلزم أن يكون التصرف فى المبالغ والأشياء موضوع الجريمة بالمصادرة فى حالة التصالح وإنما يجوز أن يكون بردها إلى أصحابها إذ أن نص الفقرة الثالثة من المادة (14) من القانون رقم 97 لسنة 1976 لا يحول دون ذلك. وذهب رأى آخر إلى أن حق التصرف فى المبالغ والأشياء موضوع الجريمة، فى حالة عدم طلب رفع الدعوى الجنائية أو فى حالة التنازل عنها إلى ما قبل صدور الحكم فيها مقصور فقط على النيابة العامة طبقا لأحكام قانون الإجراءات الجنائية بشأن التصرف فى الأشياء المضبوطة الواردة فى المواد من 101 إلى 109 والتى لم يتضمن القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبى أى خروج عليها إلا فى حالة التصالح حيث أجاز فى الفقرة الثالثة من المادة (14) للوزير المختص أو من ينيبه فى حالة عدم الطلب أو فى حالة تنازله عن الدعوى إلى ما قبل صدور الحكم فيها أن يصدر قراراً بالتصالح مقابل مصادرة المبالغ والأشياء موضوع الجريمة، أما عن كيفية التصرف فى المبالغ والأشياء موضوع الجريمة فى حالة عدم طلب رفع الدعوى الجنائية أو فى حالة التنازل عنها إلى ما قبل صدور الحكم فيها، فإنه يقتصر فقط على ردها إلى أصحابها دون مصادرتها، ذلك لأن المصادرة عقوبة، ومن ثم فإنه لا يجوز توقيعها إلا بحكم قضائى الأمر الذى يقتضى رفع الدعوى الجنائية وصدور حكم فيها، والقول بغير ذلك يخالف ما نصت عليه المادة 36 من الدستور من أن المصادرة الخاصة لا تجوز إلا بحكم قضائى، وكذلك ما نصت عليه مادته السادسة والستون من أنه" لا توقع عقوبة إلا بحكم قضائى"، وما نصت عليه المادة (459) من قانون الإجراءات الجنائية من أنه لا يجوز توقيع العقوبات المقررة بالقانون لأية جريمة إلا بمقتضى حكم صادر من محكمة مختصة بذلك، وما نصت عليه المادة (14) من القانون رقم 97 لسنة 1976 فى فقرتها الأولى من أنه " وفى جميع الأحوال تضبط المبالغ محل الدعوى ويحكم بمصادرتها فإن لم تضبط حكم بغرامة إضافية تعادل قيمتها"، إلا أن القانون رقم 97 لسنة 1976 قد أجاز فى الفقرة الثالثة من المادة (14) منه المصادرة فى حالة التصالح كمقابل له تأسيسا على تخلى صاحب الشأن برضائه عن مضبوطاته مقابل هذا التصالح، وقد أراد المشرع بذلك أن يكون التصالح بمقابل وهو مصادرة المبالغ والأشياء موضوع الجريمة مما يفيد صراحة أن المصادرة فى هذه الحالة كمقابل للتصالح وجوبية وليست جوازية.
 وإزاء هذا الخلاف فى الرأى بصدد نص قانونى له أهمية، وعملا بأحكام الفقرة الثانية من المادة (4) من قانون المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 1969 التى تنص على أن تختص المحكمة العليا بتفسير النصوص القانونية التى تستدعى ذلك بسبب طبيعتها وأهميتها لوحدة التطبيق القانونى، طلب وزير العدل عرض الأمر على المحكمة العليا لإصدار قرار تفسيرى لنص المادة (14) من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبى، وذلك لبيان ما إذا كان هذا النص يخول الوزير المختص أو من ينيبه فى حالة عدم طلبه رفع الدعوى الجنائية أو فى حالة تنازله عن الدعوى إلى ما قبل صدور الحكم فيها الحق فى التصرف فى المبالغ والأشياء موضوع الجريمة سواء بمصادرتها أو بردها إلى أصحابها، أم أنه لا يخوله ذلك إلا فى حالة إصداره قرارا بالتصالح، وبيان ما إذا كانت المصادرة فى حالة التصالح وجوبية أم جوازية، وإعمالا لنص المادة (14) من القانون رقم 66 لسنة 1970 بشأن الإجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا، أرفق سيادته بالطلب مذكرة شارحة للأسانيد والمبررات التى تستدعى التفسير وحافظة مستندات.
 وقد أودعت هيئة مفوضى الدولة لدى المحكمة العليا تقريراً بالرأى القانونى انتهت فيه إلى أنها ترى أنه " فى حالة عدم طلب الوزير المختص رفع الدعوى الجنائية بالنسبة إلى الجرائم التى ترتكب بالمخالفة لأحكام القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبى وفى حالة تنازله عن الدعوى إلى ما قبل صدور الحكم فيها يكون له إصدار قرار بالتصالح مقابل مصادرة المبالغ والأشياء موضوع الجريمة وتكون المصادرة وجوبية. فإذا لم يصدر قرار بالتصالح فإنه لا يملك التصرف فى تلك المبالغ والأشياء بأى وجه من أوجه التصرف.
 وقد عين لنظر الطلب جلسة 4 من فبراير سنة 1978 وفيها قررت المحكمة ارجاء النطق بالقرار إلى جلسة اليوم.
 
                                          " المحكمـــــة "
 
                     بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات قانوناً.
 
من حيث أن الطلب استوفى الأوضاع المقررة قانوناً ومن حيث إن وزير العدل يطلب استصدار قرار بتفسير نص المادة الرابعة عشرة من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبى، وذلك لبيان ما إذا كان هذا النص يخول الوزير المختص أو من ينيبه فى حالة عدم طلبه رفع الدعوى الجنائية أو فى حالة تنازله عن الدعوى إلى ما قبل صدور الحكم فيها الحق فى التصرف فى المبالغ والأشياء موضوع الجريمة سواء بمصادرتها أو بردها إلى أصحابها، أم أنه لا يخوله ذلك إلا فى حالة إصداره قرارا بالتصالح، وبيان ما إذا كانت المصادرة فى حالة التصالح وجوبية أم جوازية.
 ومن حيث إن الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 14 من القانون رقم 97 لسنة 1976 سالف الذكر تنصان على أنه" ولا يجوز رفع الدعوى الجنائية بالنسبة إلى الجرائم التى ترتكب بالمخالفة لأحكام هذا القانون أو القواعد المنفذة له وإتخاذ إجراء فيها فيما عدا مخالفة المادة (2) إلا بناء على طلب الوزير المختص أو من ينيبه. وللوزير المختص أو من ينيبه فى حالة عدم الطلب أو فى حالة تنازله عن الدعوى إلى ما قبل صدور الحكم فيها أن يصدر قرارا بالتصالح مقابل مصادرة المبالغ والأشياء موضوع الجريمة". وهاتان الفقرتان تبينان سلطة الوزير المختص فى شأن تطبيق وتنفيذ القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبى وهى مقصورة على طلب رفع الدعوى أو التنازل عنها إلى ما قبل صدور الحكم فيها ثم حقه فى التصالح فى حالة عدم طلب رفع الدعوى أو حالة تنازله عنها إلى ما قبل صدور الحكم فيها مقابل مصادرة المبالغ والأشياء موضوع الجريمة، ولم تخول الفقرتان سالفتا الذكر الوزير المختص أو من ينيبه حقوقا أخرى فى غير الأحوال المشار إليها وذلك خلافا لما كانت تقضى به المادة المقابلة فى قانون النقد الملغى( المادة 9 من القانون رقم 80 لسنة 1947) من أنه فى حالة عدم الإذن برفع الدعوى يجوز للوزير أو لمن ينيبه مصادرة المبلغ موضوع المخالفة. وإلغاء هذا الحق فى قانون النقد الجديد يتفق مع أحكام الدستور الذى حظر بمقتضى المادة 36 منه المصادرة الإدارية.
 ومن حيث إنه يتعين لبيان قواعد التصرف فى المبالغ والأشياء موضوع الجريمة سواء بمصادرتها أو بردها إلى أصحابها – الرجوع إلى قانون الإجراءات الجنائية باعتباره القانون العام فى هذا الصدد.
ومن حيث إن المواد من 101 إلى 109 من قانون الإجراءات الجنائية عينت السلطة التى تملك التصرف فى الأشياء المضبوطة، فنصت المادة 101 على أنه " يجوز أن يؤمر برد الأشياء التى ضبطت أثناء التحقيق ولو كان ذلك قبل الحكم ما لم تكن لازمة للسير فى الدعوى أو محلا للمصادرة". كما نصت المادة 103 على أن " يصدر الأمر بالرد من النيابة العامة أو قاضى التحقيق أو محكمة الجنح المستأنفة منعقدة فى غرفة المشورة،
ويجوز للمحكمة أن تأمر بالرد أثناء نظر الدعوى". ويستفاد من هذين النصين أن سلطة التصرف فى المبالغ والأشياء موضوع الجريمة، فى حالة عدم رفع الدعوى الجنائية أو فى حالة التنازل عنها، إلى ما قبل صدور الحكم فيها، مخول كأصل عام للنيابة العامة، طبقا لأحكام قانون الإجراءات الجنائية بشأن التصرف فى الأشياء المضبوطة، وقد خرج الشارع فى القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد على هذا الأصل فى حالة عدم طلب الوزير المختص أو من ينيبه رفع الدعوى، وفى حالة تنازله عنها إلى ما قبل صدور الحكم فيها، إذ أجاز فى الفقرة الثالثة من المادة 14 من هذا القانون لأيهما أن يصدر قراراً بالتصالح مقابل مصادرة المبالغ والأشياء موضوع الجريمة. ويستفاد من ذلك أن سلطة الوزير المختص أو من ينيبه فى مصادرة المبالغ والأشياء موضوع الجريمة، لا تنشأ إلا فى حالتى عدم طلبه رفع الدعوى أو التنازل عنها بعد رفعها، وبشرط أن يعمل حقه فى اصدار قرار بالتصالح مع المتهم صاحب الأشياء موضوع الجريمة، يتنازل بموجبه عن الدعوى الجنائية مقابل تنازل المتهم عن هذه الأشياء للدولة. ومن حيث إن تعبير الشارع عن تنازل المتهم عن المبالغ والأشياء موضوع الجريمة بلفظ " المصادرة " قد جاء من قبيل التجاوز استنادا إلى تماثلهما " أى التنازل والمصادرة المقررة فى قوانين العقوبات" من حيث الأثر وهو أيلولة هذه المبالغ والأشياء إلى الدولة فى الحالتين، ذلك لأن ثمت خلافا جوهريا يقوم بينهما فى أهم ركن من أركان المصادرة، باعتبارها عقوبة توقع جبرا على الجانى ودون مقابل شأنها فى ذلك شأن غيرها من العقوبات الجنائية، وذلك فى حين أن التنازل عن الأموال والأشياء موضوع الجريمة المنصوص عليه فى الفقرة الثالثة من المادة 14 من القانون رقم 97 لسنة 1976 المتقدم ذكره يتم برضاء صاحبها واختياره اتقاء لما عساه أن يترتب على رفع الدعوى أو الاستمرار فيها من الحكم بحبسه أو تغريمه أو بالعقوبتين معاً، فضلا عن عقوبة المصادرة.
 ولقد جاء تعبير الشارع فى الفقرة المشار إليها صريحا فى الدلالة على هذا المعنى، حيث ربط بين صدور قرار الوزير المختص أو من ينيبه بالتصالح فى الدعوى، وبين مصادرة المبالغ والأشياء موضوع الجريمة، فجعل هذه مقابلا لذلك، وليس هذا شأن المصادرة كعقوبة جنائية. ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن لفظ " المصادرة " الوارد بنص الفقرة الثالثة من المادة 14 من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبى، لا يعنى المصادرة كعقوبة جنائية، وهى التى لا يجوز توقيعها إلا بحكم قضائى، تطبيقا للمادة 36 من الدستور، فهى مقابل يقدمه المتهم اختيارا بمقتضى قرار التصالح، نظير عدم رفع الدعوى الجنائية عليه أو التنازل عنها بعد رفعها.
 
                                        " فلهــذه الأسبــاب"
 
 وبعد الإطلاع على المادة 14 من القانون رقم 97 لسنة 1976، بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبى.
 
                                        " قررت المحكمة "
 
 أنه ليس للوزير المختص أو من ينيبه فى حالة عدم طلبه رفع الدعوى الجنائية عن الجرائم التى ترتكب بالمخالفة لأحكام القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبى، أو فى حالة تنازله عن الدعوى إلى ما قبل صدور الحكم فيها – ليس له حق التصرف فى المبالغ والأشياء موضوع الجريمة – إلا فى حالة اصداره قرارا بالتصالح، ويتعين عليه فى هذه الحالة مصادرة المبالغ والأاشياء موضوع الجريمة.
 
        أمين السر                                                           رئيس المحكمة
 سيد عبد البارى إبراهيم                                            بدوى إبراهيم حمودة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق