بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 2 يناير 2012

قضية رقم 5 لسنة 4 قضائية المحكمة العليا "تفسير"

باسم الشعب
المحكمة العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 5 من أبريل سنة 1975 م .
برئاسة السيد المستشار/ بدوى إبراهيم حمودة                                          رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : محمد عبدالوهاب خليل وعادل عزيز زخارى ومحمد بهجت عتيبة وأبو بكر محمد عطية والدكتور محمد العصره وطه أحمد ابو الخير
وحضور المستشار محمد كمال محفوظ                                                        مفوض الدولة
وحضور السيد / سيد عبدالبارى ابراهيم                                                     أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
الطلب رقم 5 لسنة 4 قضائية عليا ( تفسير )

الوقائع
          طلب وزير العدل بكتابه رقم 214 المؤرخ 24 من ابريل سنة 1973 تفسير المادة الأولى من القانون رقم 74 لسنة 1970 فى شأن وضع بعض المشتبه فيهم تحت مراقبة الشرطة فيما تقضى به من أن " كل شخص توافرت فيه حالة الاشتباه المنصوص عليها فى المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 الخاص بالمتشردين والمشتبه فيهم وصدر أمر باعتقاله لأسباب تتعلق بالأمن العام ، يوضع تحت مراقبة الشرطة لمدة سنتين تبدأ من تاريخ العمل بالقانون أو من تاريخ إنهاء الاعتقال حسب الأحوال " وقد أرفق وزير العدل بكتابه المذكور ملفاً يتضمن مذكرة شارحة بطلب التفسير وحافظة مستندات تتضمن كتاباً موجهاً إليه من النائب العام فى 25 من يوليو سنة 1972 يطلب فيه استصدار قرار تفسيرى من المحكمة العليا عن القانون المذكور ، وكتاباً من مدير أمن القاهرة فى هذا الخصوص مؤرخاً فى 29 من يناير سنة 1971 ومذكرتين للنيابة العامة بمقتضيات التفسير ودواعيه وكشوفاً تتضمن بعض الحالات التى عرضت على المحاكم وصدرت فيها قرارات مختلفة تطبيقاً لأحكام القانون موضوع طلب التفسير ، وقد أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها القانونى وحدد لنظر الطلب جلسة 18 من يناير سنة 1975 ثم قررت المحكمة التأجيل لجلسة أول مارس سنة 1975 لإصدار القرار ثم أجل النطق بالقرار لجلسة اليوم .



المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
          من حيث إن الطلب قد استوفى الأوضاع المقررة قانوناً .

          ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 74 لسنة 1970 فى شأن وضع بعض المشتبه فيهم تحت مراقبة الشرطة التى ثار الخلاف بشأن تطبيقها على بعض الحالات تنص على ما يأتى : " يوضع تحت مراقبة الشرطة لمدة سنتين كل شخص توافرت فيه حالة الاشتباه المنصوص عليها فى المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 الخاص بالمتشردين والمشتبه فيهم وصدر أمر باعتقاله لأسباب تتعلق بالأمن العام ، ويطبق فى شأنه حكم المادة التاسعة من المرسوم بقانون المشار إليه . وتبدأ مدة المراقبة من تاريخ العمل بهذا القانون أو من تاريخ إنهاء الاعتقال على حسب الأحوال " وقد صدر هذا القانون فى أول سبتمبر سنة 1970 ونشر فى العاشر منه على أن يعمل به من تاريخ نشره .

          ومن حيث أن طلب التفسير يتناول أربع مسائل ثار بشأنها الخلاف عند تطبيق النص المتقدم ذكره وهى : أولاً – مدى سريان القانون على الحالات السالفة . ثانياً – معنى بدء المراقبة من تاريخ سريان القانون . ثالثاً – هل يشترط أن يكون الاشتباه سابقاً على الاعتقال أم يجوز أن يكون لاحقاً له . رابعا – مدى اشتراط صدور حكم قضائى بتوافر حالة الاشتباه .

عن المسألة الأولى :
من حيث إن طلب التفسير يستهدف – فى هذه المسألة – بيان ما إذا كان القانون رقم 74 لسنة 1970 يسرى على الحالات السابقة عليه بما مؤداه أن يوضع بقوة القانون تحت مراقبة الشرطة لمدة سنتين تبدأ من تاريخ العمل بالقانون كل من توافرت فيه حالة الاشتباه وتقررإنهاء اعتقاله قبل هذا التاريخ ، وماذا يكون الحكم بالنسبة لمن حسنت سيرته بعد الإفراج عنه وكانت قد انقضت مدة طويلة بين تاريخ إنهاء اعتقاله وبين تاريخ العمل بالقانون ,

ومن حيث إنه يبين من عبارة المادة الأولى من القانون رقم 74 لسنة 1970 ، المشار إليها أن أحكام هذا القانون تسرى على كل شخص يتوافر فيه فى تاريخ العمل به شرطان أولهما : أن تتوافر فيه حالة الاشتباه المنصوص عليها فى المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 الخاص بالمتشردين والمشتبه فيهم ، وثانيهما : أن يكون قد صدر أمر باعتقاله لأسباب تتعلق بالأمن العام كما تسرى على الحالات التالية لتاريخ نفاذ القانون أى سواء اجتمع هذان الشرطان قبل تاريخ العمل بالقانون أو بعد ذلك . يؤيد هذا النظر :
   أولاً : ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه من أن الشارع إنما يستهدف بهذا التشريع اتخاذ إجراء وقائى من إجراءات الدفاع الاجتماعى لمواجهة ما لوحظ فى الآونة الأخيرة من جنوح بعض المشتبه فيهم إلى الإخلال بالأمن بارتكاب جرائم تنم عن خطورة مرتكبيها واستهتارهم دون رادع من القانون أو اعتبار للظروف الدقيقة التى تمر بها البلاد .

   ثانياً : ما جاء بمناقشات مجلس الشعب عند نظر هذا القانون إذ صرح ممثلو الحكومة أنها تستهدف سريان أحكام القانون على من كان الاشتباه فيهم واعتقالهم سابقين على تاريخ نفاذ القانون وقد اقتضى ذلك إعادة مشروع القانون إلى اللجنة التشريعية لصياغته بما يتفق مع وجهة نظر الحكومة السالف ذكرها .

ومن حيث إن تطبيق القانون على هذا النحو لا يعتبر إعمالاً له بأثر رجعى على أفعال سابقة على تاريخ العمل به مما يخالف المبدأ المقرر بالمادة 66 من الدستور التى تقضى بألا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون ، ذلك لأن هذا المبدأ إنما يعنى تأثيم الأفعال السابقة على هذا التاريخ وتقرير العقاب عليها وليس هذا شأن المادة الأولى من القانون رقم 74 لسنة 1970 فى شأن وضع بعض المشتبه فيهم تحت مراقبة الشرطة ذلك أنها لا تقرر عقاباً على افعال سابقة على تاريخ العمل بهذا القانون فليس الاشتباه فى ذاته فعلاً مادياً يقترفه المتهم ويقدم للمحاكمة من أجله . وإنما هو فى حقيقته حالة تقوم بالمشتبه فيه وتؤدى إلى إضفاء هذا الوصف عليه متى توافرت عناصرها القانونية ومن ثم فإن من تقوم فى شأنه تلك الحالة عند نفاذ القانون رقم 74 لسنة 1970 المشار إليه يعامل بمقتضاه ، ولا يعد ذلك إعمالاً لأحكام هذا القانون بتطبيقها على أفعال سابقة على تاريخ سريانه لأن تطبيقه رهين بحالة جنائية قائمة فعلاً بالمتهم فهو إعمال لأحكامه بأثر حال مباشر لا بأثر رجعى مما يخالف المادة 66 من الدستور .

ومن حيث إن حالة الاشتباه وإن كانت فى حقيقتها وصفاً يقوم بذات المشتبه فيه عند تحقق عناصره ، إلا أن هذا الوصف بطبيعته ليس مؤبداً ، بل هو حالة موقوتة تدور وجوداً وعدماً مع توافر شرائطها القانونية أو زوالها ، فإذا كان المشتبه فيه المعتقل قد حسنت سيرته بعد الإفراج عنه بحيث أقلع عن غوايته وعدل عن طريق الإجرام إلى جادة الاستقامة خلال مدة طالت أو قصرت فإن حالة الاشتباه تنحسر عنه ويكون قد فقد عند العمل بالقانون أحد الركنين اللازمين لإنزال حكمه وبذلك ينأى عن الوقوع تحت طائلته .

ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن أحكام القانون رقم 74 لسنة 1970 تسرى على كل شخص يجتمع فيه شرطان عند العمل بالقانون ، أولهما : أن تتوافر فيه حالة الاشتباه المنصوص عليها فى المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 – الخاص بالمتشردين والمشتبه فيهم ، وثانيهما : أن يكون قد صدر أمر باعتقاله لأسباب تتعلق بالأمن العام ، ويستوى أن يكون اجتماع هذين الشرطين سابقاً على تاريخ نفاذ القانون أو لاحقاً له ، إلا من حسنت سيرته بعد الإفراج عنه فلا تسرى عليه أحكام القانون .


عن المسألة الثانية :
من حيث إن هذه المسألة تتعلق بتحديد مجال إعمال الحكم الخاص ببدء المراقبة من تاريخ العمل بالقانون ، وهل يتنصر هذا المجال فيمن كانوا فى الاعتقال وقت صدور القانون فيكون بدء المراقبة من تاريخ العمل بالقانون أن تستبدل المراقبة بالاعتقال بقوة القانون ، بمعنى أنه كان يلزم إنهاء اعتقالهم ليوضعوا تحت مراقبة الشرطة لمدة سنتين من تاريخ العمل بالقانون أم أن المشرع قصد أن يستبقى للإدارة صلاحيتها فى تقدير ملاءمة إنهاء الاعتقال فلا تبدأ المراقبة إلا من تاريخ إنهاء الاعتقال .

ومن حيث إن المحكمة قد انتهت إلى أن القانون رقم 74 لسنة 1970 ينبسط نطاقه من حيث الزمان ليشمل حالات الاشتباه والاعتقال السابقة واللاحقة على تاريخ نفاذه .

ومن حيث إن المادة الأولى من القانون تواجه حالتين مختلفتين فى شأن بدء تاريخ المراقبة : الأولى : أن يكون المشتبه فيه لا يزال معتقلاً وقت نفاذ القانون وفى هذه الحالة تبدأ مراقبته من تاريخ إنهاء اعتقاله وهو أمر متروك لتقدير جهة الإدارة ، والثانية : أن يكون المشتبه فيه قد أنهى اعتقاله بالإفراج عنه قبل تاريخ نفاذ القانون بحيث يكون مطلق السراح فعلاً فى هذا التاريخ وفى هذه الحالة تبدأ المراقبة من تاريخ العمل بالقانون ، وهو العاشر من سبتمبر سنة 1970 بحيث يوضع تحت مراقبة الشرطة لمدة سنتين تبدأ من هذا التاريخ ، وعلى مقتضى ذلك فإن إعمال أحكام القانون لا تقتضى من جهة الإدارة إنهاء اعتقال من كان معتقلاً فى تاريخ نفاذ القانون لاستبدال المراقبة بالاعتقال فلا تزال لجهة الإدارة فى ظل أحكام هذا القانون سلطتها التقديرية فى تحديد التاريخ الملائم لإنهاء الاعتقال بحيث تبدأ مراقبة الشرطة لمدة سنتين من هذا التاريخ إعمالاً لأحكام القانون .

ومن ثم يكون مجال إعمال الحكم الخاص بابتداء المراقبة من تاريخ العمل بالقانون مقصوراً على طائفة المشتبه فيهم المعتقلين الذين أنهى اعتقالهم قبل تاريخ نفاذ القانون ، فهؤلاء يوضعون تحت مراقبة الشرطة لمدة سنتين بقوة القانون وتبدأ مدة المراقبة بالنسبة لهم من تاريخ العمل بالقانون .

عن المسألة الثالثة :
من حيث إن هذه المسألة تدور حول الترتيب الزمنى لحالة الاشتباه وإجراء الاعتقال وهل يشترط القانون المذكور أن يكون توافر حالة الاشتباه سابقاً على صدور الأمر بالاعتقال أم يجوز أن يكون لاحقاً له ، وإذا قيل بجواز ذلك فما هو التاريخ الذى تبدأ منه مدة المراقبة فى هذه الحالة ، ويفترض الاستفسار فى هذه المسألة أن يكون شخص قد اعتقل لأسباب تتعلق بالأمن العام دون أن يكون قد عومل بأحكام المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 الخاص بالمتشردين والمشتبه فيهم ، ثم أنهى اعتقاله وأفرج عنه ثم بدر منه بعد ذلك ما يكون العناصر القانونية للاشتباه سواء بالاشتهار أو من واقع صحيفة الحالة الجنائية وفقاً لأحكام المرسوم بقانون المشار إليه ، ففى هذه الصورة يكون توافر حالة الاشتباه لاحقاً لصدور أمر الاعتقال مما يثير التساؤل عن مدى خضوع مثل هذا الشخص لأحكام القانون .

ومن حيث إن القانون رقم 74 لسنة 1970 إذ اشترط لإعمال أحكامه أن يكون الشخص قد توافر فى حقه الركنان المنصوص عليهما فى المادة الأولى منه وهما حالة الاشتباه وصدور أمر الاعتقال فإنه لم يتضمن ما يفيد ضرورة توافر هذين الركنين بترتيب زمنى معين ، غير أن المحكمة تستخلص من إيراد ركن الاشتباه سابقاً على ركن الاعتقال فى عبارة النص أن المشرع قصد إلى ضرورة تعاقب الشرطين على هذا الترتيب الذى أورده ، بحيث لا ينطبق القانون إلا إذا كان الاعتقال لاحقاً لقيام حالة الاشتباه كما حددها المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 ويؤيد هذا النظر :
أولاً : ما جاء بالتقرير الثانى الذى أعدته لجنة الشئون التشريعية بمجلس الأمة عن المشروع المعدل الذى أقرته فى اجتماعها المنعقد فى الثلاثين من يونيو سنة 1970 من أن الحكومة وقد أفصحت عن إرادتها فى اعتبار هذا المشروع قانوناً خاصاً وليس قانوناً وقتياً وأن وجه الخصوصية فيه أنه يطبق على كل من يصدر أمر باعتقاله فى أى وقت من الأوقات ممن تتحقق فيهم حالة الاشتباه المنصوص عليها فى المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 الخاص بالمتشردين والمشتبه فيهم ، ويبين من هذه العبارة أن الشارع قد انصرفت نيته إلى تطبيق القانون على من كان مشتبهاً فيه أصلاً ثم صدر الأمر باعتقاله ، أما إذا اختل هذا التعاقب الزمنى بحيث لم تتوافر عناصر الاشتباه إلا بعد إنهاء الاعتقال فإن هذه الصورة لا تدخل فى مجال تطبيق القانون رقم 74 لسنة 1970 المشار إليه .

ثانياً : أن القانون عين فى المادة الأولى منه تاريخين لبدء مدة الوضع تحت المراقبة أولهما تاريخ العمل بالقانون وثانيهما تاريخ إنهاء الاعتقال على حسب الأحوال ؛ والتاريخ الأول – خاص بالمشتبه فيهم الذين كانوا قد افرج عنهم قبل العمل بالقانون ، بينما يسرى التاريخ الثانى على المشتبه فيهم الذين كانوا لا يزالون معتقلين عند إنفاذ القانون ، فهؤلاء قد تربص المشرع بهم ، حتى ينتهى اعتقالهم فتبدأ مراقبتهم ، أما بالنسبة لمن لم تتوافر فيهم صفة الاشتباه إلا بعد الاعتقال فهؤلاء لم يحدد القانون تاريخاً لبدء وضعهم تحت المراقبة مما يدل على أن الشارع لم يقصد خضوع هذه الطائفة أصلاً للقانون ، اكتفاء بتطبيق أحكام المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 الخاص بالمتشردين والمشتبه فيهم عليهم وهى تقضى بتوقيع عقوبات أشد وابلغ فى الردع من عقوبة الوضع تحت مراقبة البوليس التى شرعها القانون رقم 74 لسنة 1970 فبينما يحدد هذا القانون مدة تلك العقوبة بسنتين اثنتين يمدها القانون رقم 98 لسنة 1945 إلى خمس سنوات كما يقضى بتشديدها فى حالة العود بإضافة عقوبة الحبس إليها .
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أنه يتعين لتطبيق أحكام القانون رقم 74 لسنة 1970 أن يكون توافر حالة الاشتباه سابقاً على صدور الأمر بالاعتقال .

          عن المسألة الرابعة :
          من حيث إن هذه المسألة تتناول أمرين :
          أولهما : تحديد وسيلة إثبات حالة الاشتباه المنصوص عليها فى المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 المشار إليها وهلى يلزم لذلك صدور حكم قضائى طبقاً لأحكامه أم أن التحقق من حالة الاشتباه أمر تقديرى للشرطة تحت رقابة القضاء عند التظلم وفقاً لأحكام القانون رقم 74 لسنة 1970 .

          والأمر الثانى : مدى التوافق بين تخويل الشرطة سلطة وضع الشخص تحت المراقبة وهى عقوبة جنائية ومع ما تقضى به المادة 66 من الدستور من حظر توقيع العقوبة إلا بحكم قضائى .

          ومن حيث إنه يتعين لتفسير نص المادة الأولى من القانون رقم 74 لسنة 1970 فى خصوص هذه المسألة بشقيها تحديد التكييف القانونى للجزاءات التى قررها القانون رقم 98 لسنة 1945 الخاص بالمتشردين والمشتبه فيهم ثم لإجراء الوضع تحت مراقبة الشرطة الذى قرره القانون رقم 74 لسنة 1970 وهل تعتبر هذه الجزاءات والإجراءات عقوبات جنائية فلا يجوز توقيعها إلا بحكم قضائى تطبيقاً للمادة 66 من الدستور أم أنها مجرد إجراءات وتدابير مما يجوز للشرطة اتخاذها وقاية للمجتمع من أخطار هذه الطوائف .

ومن حيث إن القانون رقم 98 لسنة 1945 يقرر ثلاث جزاءات للعقاب عن جريمة الاشتباه فى صورها المختلفة فبدأ بجزاء الوضع تحت مراقبة البوليس مدة لا تقل عن ستة شهور ولا تجاوز خمس سنوات ( الفقرة الأولى من المادة 6 من القانون ) فإذا عاد الشخص إلى حالة الاشتباه تكون العقوبة الحبس والوضع تحت مراقبة البوليس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنوات ( الفقرة الثانية من المادة 6 من القانون ) وأجازت المادة السابقة من هذا القانون للقاضى بدلاً من توقيع عقوبة وضع الشخص تحت مراقبة البوليس المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة السادسة أن يصدر حكماً غير قابل للطعن بإنذار المشتبه فيه بأن يسلك سلوكاً مستقيماً فإذا ارتكب فعلاً يؤيد حالة الاشتباه خلال السنوات الثلاث التالية وجب توقيع العقوبة المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة السادسة .

وقد أفصح الشارع فى هذه النصوص فى جلاء ووضوح عن تكييف الجزاءات المشار إليها إذ اعتبرها كلها عقوبات جنائية يجب لتوقيعها صدور أحكام قضائية بها ومن ثم فإن إثبات ركن الاشتباه فى تطبيق القانون رقم 74 لسنة 1970 يقضى حتماً صدور حكم قضائى بتوقيع إحدى العقوبات التى تضمنتها المادتان السادسة والسابعة من القانون رقم 98 لسنة 1945 .

ومن حيث إن الشارع لم يلتزم هذا الأسلوب فى صياغة المادة الأولى من القانون رقم 74 لسنة 1970 إذ سكت عنة تكييف الوضع تحت مراقبة الشرطة الذى فرضه عقاباً لمن تتوافر فيه حالة الاشتباه ثم الاعتقال كما سكت عن تحديد الجهة المختصة بإجرائه مما أثار استفسار الشرطة بحق عن هذه المسألة .

ومن حيث إن إجراء الوضع تحت مراقبة الشرطة هو فى جميع صوره عقوبة جنائية سواء كان عقوبة أصلية وهى التى يقضى بها وحدها كما هو الحال فى جرائم التشرد والاشتباه طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 الخاص بالمتشردين والمشتبه فيهم أو كان عقوبة تبعية لعقوبة الأشغال الشاقة أو السجن فى الأحوال المنصوص عليها فى المادة 28 من قانون العقوبات أو كان عقوبة تكميلية يجوز الحكم بها مع العقوبة الأصلى فى جرائم السرقة وحالة العود أو النصب أو قتل الحيوان بغير مقتضى أو تسميماً أو إتلاف زراعة فى هذه الصور جميعها يختلف وصف إجراء الوضع تحت مراقبة الشرطة دون طبيعته فهو دائماً عقوبة جنائية يتعين ، أن يكون توقيعها بحكم قضائى تطبيقاً للمادة 66 من الدستور.

ولما كانت عبارة نص المادة الأولى من القانون رقم 74 لسنة 1970 تفيد أن عقوبة الوضع تحت مراقبة الشرطة المنصوص عليها فيه إنما تتم بقوة القانون مما يفيد أن الشرطة هى الجهة المختصة بإعمال هذا النص .

ونظرا لأن الدستور ينص فى المادة 66 منه على مبدأ حظر توقيع العقوبات الجنائية إلا بحكم قضائى فإن المحكمة توصى بتعديل نصوص القانون المذكور بما يتفق مع أحكام هذه المادة بحيث يكون وضع الشخص تحت مراقبة الشرطة لمدة سنتين تطبيقاً لأحكام القانون بحكم قضائى لا بإجراء إدارى تتخذه الشرطة .

          ومن حيث إنه يخلص من ذلك أولاً – أن إثبات حالة الاشتباه المنصوص عليها فى المادة الأولى من القانون رقم 74 لسنة 1970 يقتضى حتماً صدور حكم قضائى بتوقيع إحدى العقوبات المنصوص عليها فى المادتين السادسة والسابعة من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 الخاص بالمتشردين والمشتبه فيهم .

          ثانياً : أن عقوبة الوضع تحت مراقبة الشرطة المنصوص عليها فى المادة الأولى من القانون رقم 74 لسنة 1970- توقع بقوة القانون مما يفيد أن الشرطة هى الجهة المختصة بإعمال هذا النص .

ونظرا لأن الدستور ينص فى المادة 66 منه على مبدأ حظر توقيع العقوبات الجنائية إلا بحكم قضائى فإن المحكمة توصى بتعديل نصوص القانون المذكور بما يتفق مع أحكام هذه المادة بحيث يكون وضع الشخص تحت مراقبة الشرطة لمدة سنتين تطبيقاً لأحكام القانون بحكم قضائى لا بإجراء إدارى تتخذه الشرطة .

فلهذه الأسباب
          قررت المحكمة :
   أولاً : أن أحكام القانون رقم 74 لسنة 1970 تسرى على كل شخص يجتمع فيه عند العمل بهذا القانون شرطان أولهما : أن تتوافر فيه حالة الاشتباه المنصوص عليه فى المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 الخاص بالمتشردين والمشتبه فيهم ، وثانيهما : أن يكون قد صدر أمر باعتقاله لأسباب متعلقة بالأمن العام ، ويستوى أن يكون اجتماع هذين الشرطين سابقاً على تاريخ نفاذ هذا القانون أو لاحقاً له ، إلا من حسنت سيرته بعد الإفراج عنه فلا تسرى عليه أحكام القانون .

ثانياً : أن إعمال أحكام القانون رقم 74 لسنة 1970 لا يقتضى من جهة الإدارة إنهاء اعتقال من كان معتقلاً فى تاريخ نفاذ هذا القانون لاستبدال المراقبة بالاعتقال فلا تزال لجهة الإدارة فى ظل أحكام هذا القانون سلطتها التقديرية فى تحديد التاريخ الملائم لإنهاء الاعتقال ومن ثم يكون مجال إعمال الحكم الخاص بابتداء المراقبة من تاريخ العمل بالقانون مقصوراً على طائفة المشتبه فيهم المعتقلين الذين أنهى اعتقالهم قبل تاريخ نفاذ القانون ، فهؤلاء يوضعون تحت مراقبة الشرطة لمدة سنتين بقوة القانون وتبدأ مدة المراقبة بالنسبة إليهم من تاريخ العمل بالقانون .

ثالثاً : يتعين لتطبيق أحكام القانون رقم 74 لسنة 1970 أن يكون توافر حالة الاشتباه سابقاً على صدور الأمر بالاعتقال .

رابعاً : أن إثبات حالة الاشتباه فى تطبيق القانون رقم 74 لسنة 1970 يقتضى حتماً صدور حكم قضائى بتوقيع إحدى العقوبات المنصوص عليها فى المادتين السادسة والسابعة من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 الخاص بالمتشردين والمشتبه فيهم .

خامساً : أن عقوبة الوضع تحت مراقبة الشرطة المنصوص عليها فى المادة الأولى من القانون رقم 74 لسنة 1970- توقع بقوة القانون مما يفيد أن الشرطة هى الجهة المختصة بإعمال هذا النص .

ونظرا لأن الدستور ينص فى المادة 66 منه على مبدأ حظر توقيع العقوبات الجنائية إلا بحكم قضائى فإن المحكمة توصى بتعديل نصوص القانون المذكور بما يتفق مع أحكام هذه المادة بحيث يكون وضع الشخص تحت مراقبة الشرطة لمدة سنتين تطبيقاً لأحكام ذلك القانون بحكم قضائى لا بإجراء إدارى تتخذه الشرطة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق